كثيراً من اصدقائي يعلم بأنني جربت الطب النفسي لتغيير ميولي الجنسية لكنهم يجهلوني الكثير عن هذه القصة.
قبل سفري للولايات المتحدة كانت من الاوليات في حياتي أن أغير ميولي الجنسية، ميولي الجنسية التي أهملتها و استحقرتها و كرهتها منذو أن بدأت في البروز في حياتي. كنت دائماً أُهمش رغبتي الجنسية طوال الفترة الممتدة من البلوغ إلى وصولي لامريكا حيث كان عمري ٢٤ سنة.
بعد شهرين من وصلي لامريكا قلت الآن هي الفرصة الحقيقية لي لكي أغير هذه الميول. أمريكا بلد التقدم العلمي بالتأكيد لديهم علاج للميول المثلية. حيث في نلك الفترة لم أكن أعلم أي شيء عن المثلية عدا عدة مقالات عربية اختفظت من خلوتي في بلدي لاقرأ منها. جميع ما قرأت بالعربي كان يشير بأصابعه بأني مريض نفسياً و هناك أمل للعلاج.
في تلك النقطة، لأول مرة في حياتي ابحث عن المثلية باللغة الانجليزية. أول ما بحثت عن المثلية لم يكن المثلية كعنوان عريض " Homosexuality" بل كان البحث بعنوان علاج المثلية “ Homosexuality Therapy “ و كان أول ما ظهر في بحثي “ الجمعية الوطنية لبحث و علاج المثلية”
- NARTH National Association for Research & Therapy of Homosexuality
قرأت القليل من محتوى الموقع و مباشرةً بحثت عن طرق للتواصل معهم
قمت بإرسال بريد الكتروني لهم لدلي على شخص يمكن أن يساعدني في المنطقة التي أقطنها.
ووصلني رد منهم بعد فترة قصيرة. أعطوني رقمين قمت بالاتصال بأحدهم و وعدني بأنه يمكنه أن يبدأ في رؤيتي بعد أسبوعين.
كان هذان الأسبوعيين طويلي علي، كنت أعد الايام حتى يأتي اليوم الذي أبدأ فيه رحلة العلاج للتخلص من كابوس هدد مضجعي منذو بلوغي. أثناء تلك الفترة قمت برفع مقالات من موقع الجمعية على جهازي المحمول لقرأتها أثناء ذهابي و إيابي في القطار. كنت أقرأ و كنت اؤمن أكثر بأن أكيد العلاج سينجح معي.
و أخيراً جاء ذلك اليوم، الذي أتذكر تفاصيلة جيداً أتذكر ماذا كنت ألبس في ذاك اليوم و أتذكر ذاك اليوم المشمس الجميل الذي قابلت فيه الطبيب، كانت أول مرة في حياتي أقولها لشخص وجهاً لوجه بأن لدي ميول جنسية نحو الرجال.
كنت أرى هذا الطبيب في فترة أول ثلاث أشهر مرة واحدة في الأسبوع، كنت في نهاية كل جلسة أطلب منه أن يطلب مني أي شيء يريدني فعله فأني سأقول بفعله. بعد ثلاثة أشهر سألته إذا كان بالامكان أن نزيد عدد الجلسات الاسبوعية لاثنتين، كنت أتوق للتخلص من هذه الميول في أسرع وقت فقد كان بقائي في هذه الولاية مؤقت بل كان بقائي في الولايات المتحدة غير مضمون. و فعلاً وافق على أن يراني بمعدل مرتين في الساعة كل جلسة ٤٥ دقيقة.
استمررت على رؤية هذه الطبيب لمدة سنة و شهر، حيث بعد هذه المدة أضطررت للانتقال لولاية آخرى.
مع نهاية هذه الاشهر، كنت محبط جداً لأنه لم يتغير أي شيء في ميولي المثلية نهائياً فلم أجد غير البكاء ليواسيني في النهاية.
ماذا بعد …..
لكن لم استسلم بعد. فبعد انتقالي للولاية أخرى حاولت البحث عن طبيب أخر يمكنه تخليصي من ميولي. ولكي أجده قمت بالتواصل مع الجمعية من جديد. فاعطوني اسماء اخرى هذه المرة. هذه المرة لم تكن كالسابقة و كأن القدر لا يريد مني أن أتعب نفسي على وهم.
لم أتمكن من الوصول لطبيب جديد فقد كان الاطباء الذين وجدتهم بعيدي عن مسكني و أحدهما كان لا يغطي تأميني خدماته. تواصلت مع الجمعية من جديد سألنهم إذا كانوا يعرفون أي شخص يقدم هذه الخدمات عن بُعد. اقترحوا علي التواصل مع جوزيف نيكولاس - Joseph Nicolosi
![]() |
كتاب شقاء الحب لاوسم وصفي استخدم فيه وصفي أفكار نيكولاس و الجمعية |
قمت بالاتصال به سألته عن خدماته عن طريق السكايب Skype قال لي بأن تأميني لا يغطي خدماته و أنه يأخد على كل جلسة مبلغ ٢٠٠ دولار اميريكي!. بالتأكيد رفضت ذلك.
رفضت خدماته و بعده رفضت كل الوهم الذي يبيعه هؤلاء الاشخاص للمثليين. في نلك الفترة بدأت اقرأ أكثر عن المثلية و علاجها و بدأت أطلع أكثر على إدعاءات هذه الجمعية قبل ذلك كنت أكره أي شيء عن قبول المثلية و أنه لا علاج لها كنت حتى أكره أن اطلع عليها كانت عندي ثقة كاملة بأن لي علاج. ليس فقط ما يقوله هؤلاء الاطباء بل هذا ما أكده لي رجال الدين أن المثلية لها علاج، كنت مؤمن بأن الله لابد أن يغيرني. فأنا أخدت بالاسباب فكما يطلب أي مريض العلاج و لا يكتفي بالدعاء. فأنا عملت مثله لسنوات كان الدعاء هو الوسيلة الوحيدة التي استخدمتها لكن لم تنجح. و من كان صادق في نيته و كان هدفه إرضاء الله لابد أن الله لا يخذله فأنا أخدت بالاسباب و لكل علة علاج.
لماذا وهم ؟

الجمعية الوطنية للبحث و علاج المثلية ما هي ألا أكبر مؤسسة في امريكا مصرة على أن للمثلية علاج. تدعي الجمعية أنها جمعية علمية بحتة . بينما في الواقع هناك مقالات في صفحاتها تخلط الدين بالعلم. تجد أكثر اعضاء هذه الجمعية من اليمين المتطرف في أمريكا. جوزيف نيكولاس مؤسس الجمعية الذي حاولت معه يقول لأحد زبائنه السابقين الذي انخدع بكلامه بعد محاولة التواصل معه لاحقاً في حياته “ جميع المثليين مرضى غريب أطوار شواذ و يجيب عليهم جمعياً أن يذهبوا للجحيم”. هذا الزبون فصل في مقال مطول له تفاصيل علاجه الذي دام مع جوزيف لمدة ثلاثة سنوات. لمن يود أن يقرأه هنا.
بعد سنة من انتقالي للولاية الجديدة قمت بزيارة الولاية السابقة. كذلك أنا قررت أزور طبيبي السابق أخر زيارة. في تلك الزيارة سألته سؤال هل تعتقد أنه بالامكان أن يغير الشخص ميوله الجنسية و ما هي نسبة الاشخاص الذين أتوا لك و تغيرت ميولهم، قال لي بعد ألحاح مني: نسبة ضئيلة بما يعادل العشرين بالمئة.
كثير من مدعي علاج المثلية يقولوا بأنهم علاجوا الكثير من المثليين من ميولهم الجنسية لكن في النهاية تظهر الحقيقة. يقول ألن شامبر، أحد مؤسسي أكسدس العالمية السابقين، أحد المنظمات المسيحية المدعية لعلاج المثلية، عندما سُؤل ما احتمالية أن يغير شخص من ميوله الجنسية قال و تسعة و تسعين بالمئة ممن حاولوا تغيير ميولها فشلوا. ألن نفسه مثلي و بعد سنوات اعتذار للمثليين و ذكر هو نفسه لم تتغير ميوله المثلية.
هناك قرار قائم على مراجعة مكثفة لدراسات صدر من الجمعية الامريكية لعلم النفس في ٢٠٠٩ حول تغيير المثلية الجنسية. يقول القرار “هناك دراسات قديمة تقترح أن هناك بعض الاشخاص استطعوا أن يتعلموا أن يتجاهلوا أو يقللوا من ميولهم الجنسية المثلية، لكن هذا لا ينطبق على الاشخاص الذين من البداية كانت ميولهم الجنسية حصرياً موجها لنفس الجنس”.
ليس فقط الجمعيات العلمية تنفي إمكانية تغيير الميول لكن الكثير ممن يدعي أن لهم مرضى تغيروا لا ينشروا ادعاتهم على الملا على شكل دراسات بل حتى كل الدراسات الركيكة التي يعتمدوا عليهم هي مجرد دراسات قائمة على التقرير الذاتي أي دراسات ليس قياسية يتم فيها اختبار الشخص مدعي التغيير أنه تغيير. أي هذه الدراسات subjective و ليست objective .
في النهاية أقول مثل ما تقول أغنية
نفس الحب
And I can't change
Even if I tried
Even if I wanted to
و لا يمكنني التغير
حتى لو حاولت
حتى لو أردت
***********************
مصادر
قراءة اضافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
علق للحوار و ليس للجدال