كثيراً ما نقرأ هنا و هناك كمثليين بمن يقول لنا ان نتعالج لاننا مرضى نفسيين و كثير ما ناقشنا هذه النقطة في مواضيع آخرى. و من ضمن الحلول التي قد يسمعها المثلي هي أن يتزوج من الجنس الآخر كحل لتغيير ميوله.
قد يكون صديقي عمار أفضل مثال لتلك الترهات التي تُلقى على المثليين. يبدأ عمار بسرد قصته بالقول
“ انا شاب نشأت في مدينة ذات طابع محافظ، بل مدينة مقدسة في أحد بلاد المسلمين، في عائلة من الطبقة المتوسطة، تربيت تماماً كما تربى باقي اخوتي بنفس المعاملة و نفس الظروف.
في ابعد نقطة من ذاكرتي، من عمر ٤ سنوات او ربما قبلها، اتذكر اني كنت اميل للذكور، كنت اطالع صور خطيب ابنة خالتي و لا اعرف لماذا اهتم بادق تفاصيل شكله فقد كان شاباً وسيما. و صدقاً لم اكن اهتم للموضوع و لا اعرف ان كان هذا الامر طبيعياً ام لا. وصلت لمرحلة البلوغ و بدات ادرك طبيعتي، و بدأت المعاناة، حيث ارى كل من حولي يحاول ان يكون علاقات مع فتيات، الا انا فلم اكن اهتم و بات انجذابي للذكور يكبر.
تماشياً مع السائد و مع الاصدقاء تقربت لاحدى الفتيات لكني لم اجد اي انجذاب او متعة في الموضوع و كنت اشعر اني مُكره على هذه العلاقة التي سرعان ما انتهت.
باتت ميولي العاطفية و الجنسية تؤرق منامي و انا اقاوم رغبتي بكل حزم، لم اكن استطيع البوح بها لأحد، و انا من تربيت على ان هذه المشاعر و الأفعال خطيئة، و اني ان تكلمت فسيقال عني لوطي و شاذ!! لم اكن استطيع ان اقول لوالدي مما اعاني او اشعر، فبدأت اوفر من مصروفي اليومي لاجمع مبلغ الحجز عند الطبيب النفسي!! و كلما اكتمل المبلغ اذهب لعيادة الطبيب الذي كان ينصحني بغض البصر و كثرة التعبد، علماً اني قبلها تعبت من البكاء و التضرع لله ان يخلصني مما انا فيه... كان عمري حينها ١٦ سنة.
التجأت لطبيب نفسي اخر و نصحني ان اركز في خيالاتي الجنسية على النساء، كان كمن يطلب من الاعمى ان يبصر فالموضوع غير مجدٍ ابداً، و مع هذا حاولت و حاولت دون نتيجة.
في القسم الداخلي (بيت الطلبة) بدات لي اول قصة حب و عرفت فيها كل معاني السعادة استمرت قرابة العام ثم انتهت لاننا كنا نشعر ان مشاعرنا خاطئة و خوفاً ان تتطور العلاقة الى ممارسة جنسية بسبب الرغبة الشديدة من الطرفين.
كان لانتهاء هذه العلاقة اثر كبير في حياتي، عانيت من الفراغ العاطفي القاتل و الاشتياق المؤلم، تكالبت علي الظروف، اخي الكبير متزوج و سعيد و اخي الاصغر يعيش قصة حب مع زميلته في الكلية، صديقي المقرب خاطب و ارى الفرحة في عينية و هو يتصل بخطيبته كل ليلة ويتهامس معها عبر الهاتف، و انا الوحيد المختلف.
راجعت طبيباً نفسياً في المدينة العاصمة علي اتخلص مما اعاني، نصحني ان لا الوم نفسي لمشاعري فهي طبيعية و نصحني ايضاً ان اتقرب من النساء ان كان لي ميل لهن و لو بنسبة قليلة.
و لاني صادق المشاعر لم اشاء ان اقيم علاقة و اتلاعب بمشاعر الغير، كنت اريد ان استقر، كانت هناك فتاة معي في الجامعة تستلطفني و اعجابها واضح بي، تقربت لها، و ارتحنا لبعض، و انخطبنا و بعد التخرج تزوجنا، و من ثم اصبحتُ زوجاً و اباً. “
قد يكون ظاهر قصة عمار أنه لم يُجبر على الزواج لكن لو نقرأ تفاصيل قصته بتحليل سنرى جبراً بصورة غير مباشرة. و لكي نعرف ذلك دعونا نرى ماذا يقول العلم في ذلك، فهناك مقال علمية نشرت في المجلة الامريكية للعلاج الاسري نُشرت في سنة ٢٠١٠ ذكر المقال عدة اساب تدعو بعض المثليين للزواج من الجنس الاخر:
السبب الاول: وجود صراع في النفس لقبول هذه الميول المثلية و الاعتقاد بأن الزواج سيكون حل لهذا الصراع
السبب الثاني: يتزوج المثلي لارضاء توقعات مجتمعه و أهله فالزواج من الجنس الآخر هو المقبول و المفترض
السبب الثالث: الرغبة في تكوين عائلة بأطفال و الوصول لهذا الهدف لا يمكن إلا بالزواج من الجنس الآخر
السبب الرابع: الرغبة في أن يكون له شريك في الحياة
السبب الخامس: الكثير من المثليين ذكروا سبب زواجهم هو حب الشخص الآخر من الجنس الآخر.
من أبرز الاسباب التي دعت عمار للزواج هو السسب الاول فالملاحظ في قصة عمار الصراع الذي عاشه عمار مع ميوله فمرة يقاوم هذه الميول و مرة يحاول التخلص منها بمحاولة الطب النفسي . يكمل عمار قصته فيقول “ طيلة فترة الخطوبة والزواج و انا اغض البصر عما يثيرني ، و ان شاهدت رجلا يعجبني، اتجلد و اتشنج و اتظاهر بعدم المبالاة...ما كنت اهرب منه في الواقع، يأتيني في المنام، و ان لم اراه في المنام كنت اهرب منه بالاستمناء... لم اكن اشاهد افلاماً اباحية للمثليين و لا حتى كنت اعرف مصطلح مثلي اساساً، كل ما كنت اخشاه ان يقال عني لوطي او شاذ. تعبت كثيرا من التشنج و التظاهر بعدم الاكتراث و انا في داخلي احترق، قررت ان اذهب لطبيب كي يعالجني و ان لا اعود للبيت الا و في يدي الحل... و فعلا عدت و معي الحل اقنعني الطبيب بأن ميولي طبيعية و ان من العبث البحث عن علاج لها لانها ليست مرض و عليّ لكي احيا سعيدا ان اتقبل طبيعتي و ان لا الوم نفسي، منذ ذلك الوقت و انا متصالح مع نفسي و لا اجلد نفسي و لا اعيش عقدة الذنب.”
ما مصير المثلي بعد الزواج ؟
يقول عمار “ ان تتزوج من مغايرة لا يعني ان تتزوج من شخص تكرهه, الحياة الزوجية ليست جنس فقط, صدقاً بعد كم شهر من الزواج تقل نسبة الممارسة الجنسية لاغلب البشر و تبدأ مسؤوليات الاطفال و البيت و الاسرة تسيطر على طابع الحياة , تبقى مسألة الاهتمام و الرعاية للزوجة و هذا لا حكم فيه و لا قياس فهي تتبع شخصية الفرد و اخلاقه و تربيته و طبيعته بغض النظر عن ميوله الجنسية”
يقول المقال آنف الذكر ٦٢،٥ بالمئة من المثليين يدخلو في علاقة مثلية مع شخص من الجنس ذاته دون علم الطرف الآخر في الزواج خلال الخمسة السنوات الاولى من الزواج. كذلك ذكرت أن ٥٠ بالمئة من المثليين الرجال يستخدموا الخيال المثلي أثناء جماعهم بزوجاتهم.
هل يمكن أن يكون المثلي في علاقة زوجية مرضية ؟
يقول عمار “ قد يستطيع المثلي ان يهب زوجته الاهتمام و الرعاية و الاحتضان لكنه لا يجد من يعطيه هذه الاشياء , حتى و ان اعطته اياه زوجته فهو لا يشعر بان هذا يلبي حاجته, فكم من ليلة و انا اشعر بان صدري قد ضاق علي لاني لا اجد من يحتضنني و يفهم مشاعري و يسمع نداء قلبي الموجوع “
بالرغم أن نسبة كبيرة من الزيجات تنتهي بعد كشف الحقيقة إلا أن هناك بعض الاشخاص أبقوا علاقاتهم الزوجية بعد ذلك. و سبب امكانيتهم في ابقاء هذا الزواج عدة أسباب:
- التواصل الصادق و المتواصل و المفتوح و التعاطفي. بالرغم أن هذا النوع من التواصل مهم في العلاقات الغيرية إلا أنه أكثر اهمية في الزواج المختلط. فهذا النوع من التواصل يحتاج لنقاشات صعبة في مواضيع شخصية مختلفة كالارضاء الجنسي.
- وجود رباط عاطفي قوي.
- التفاوض و المرونة: من حيث اعادة تعريف علاقتهم و محاولة التركيز على أشياء اخرى في العلاقة كالاطفال و الهوايات المشتركة. و هناك بعض الدراسات اشارت أن بعض الازواج لديهم مرونة في علاقتهم الجنسية و العاطفية بحيث يكون الزوجين في زواج مفتوح يسمح لهم بمواعدة اشخاص خارج اطار الزوجية.
- مشاركة الحقيقة في بداية العلاقة و قبل الزواج فبينت الدراسات أن الصدق من البداية جعل مسألة ايجاد طرق لابقاء الزواج أسهل من كشف الحقيقة بطريقة غير مخططة أو متأخرة.
- وجود دعم اجتماعي: كمساعدة من اخصائي اسري بجانب الدعم الاجتماعي من الاهل و الاصدقاء أو التواصل مع ازواج يعيشوا نفس النوع من الزواج.
في النهاية اذا كنت مثلي تفكر في الزواج فضع في بالك أن الزواج لن يغير ميولك، و اغلب من تزوجوا غير راضيين في زواجهم. و أما من نجح في ذلك فذلك بسبب العوامل التي تم ذكرها فهل عندك هذه العوامل أم لا؟.
مصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
علق للحوار و ليس للجدال