3/04/2014

مشكلة الاعتقـاد بأن الاعتداء الجنسي على الطفل يتسبب في ميوله الجنسية (المثلية, أو المزدوجة)

هناك افتراض شائع بين البعض بأن السبب وراء ميول الشخص المثلية أو المزدوجة يعود لصدمة ناتجة عن حادث تحرش جنسي تعرض له في طفولته / طفولتها.

عند محاولة التعامل او فهم ميولهم فأن اغلب المثليين سيتبادر الى ذهنهم سؤال لا مفر منه "لماذا؟..لماذا أنا؟",والواقع أن الكثير من المثليين الذين تعرضوا لحالة تحرش يتساءلون ان كان هناك علاقة مباشرة بين ميولهم وما تعرضوا له مسبقاً.


هناك عدد لا متناهي من الابحاث في مجال الادب العلمي والاجتماعي التي تدعي بأنها تمكنت من تحديد السبب الرئيسي للمثلية الجنسية وأحد هذه الفرضيات المختبرة تتمحور حول أن يكون الاعتداء الجنسي سبب في ميول الشخص المثلية. نتائج هذه الابحاث لا تؤتي نتائج حاسمة لأن بعضها يشير لعلاقة مباشرة بين التحرش الجنسي بالطفل ومثليته كراشد بينما تنكر ابحاث اخرى وجود أي صلة بين الموضوعين مما يجعل الحكم لصالح احد الطرفين مستحيل حاليا.

هدف هذه المقالة ليس البحث عن سبب كون الشخص مثلي الجنس أو مغاير برغم وجود العديد من النظريات التي تركز على آليات تعزيز النقاش. لا وجود لنتيجة قطعية حتى الان. وعلى ضوء الابحاث المتضاربة نحن أبعد ما يكون عن الجزم بكون ميول الشخص الجنسية متأصلة فيه أم متأثرة بتاريخه كطفل تعرض للتحرش.

على كل حال وبعيدا عن الاحصاءات المتناقضة فأن هدف هذا المقال هو تحديد الخلل في الادعاء بأن المثلية الجنسية ما هي الا نتيجة حتمية لتجربة تحرش جنسي، انها ليست اكثر من أفكار للمناقشة.

لماذا يعتبر الادعاء بأن التحرش الجنسي يتسبب في أن يكون الشخص مثلي الجنس خاطئ؟

الارقام لا ترجح صحة الفكرة. وفقاً لاحصائيات الصحة الوطنية والحياة الاجتماعية فأن ١.٥١ ٪ من السكان في الولايات المتحدة مثليين الجنس. بينما تشير دراسات اخرى لتجاوز النسبة لـ٨ ٪ بينما الاحصاءات لمن تعرضوا لتحرش في طفولتهم تفوق هذه النسب بكثير. مصادر موثوقة تشير الى ان النسب تصل ١٦٪ للذكور و ٢٧ ٪ للاناث في الولايات المتحدة.

وبهذا، ان كان هناك اي صلة بين التحرش الجنسي بالطفولة وكون الشخص مثلي الجنس فما الذي يجعل هذه النسب مختلفة جداً؟ من الواضح وجود حالات تحرش اكثر من اعداد مثليي الجنس ومزدوجي الميول الجنسية، وأيضا اغلب من تعرضوا لاعتداء جنسي في طفولتهم يعرفون أنفسهم على انهم مغايرين. اضافة لأن الاحصاءات تشير بوضوح لوجود نسبة اكثر من الاناث ممن تعرضن للتحرش الجنسي بينما اعداد المثليين جنسيا من الذكور تفوق اعداد الاناث.

أليست الفكرة أبسط من اللازم؟

يدعي البعض استحالة تكوين نظرية عالمية لتحديد منشأ المثلية الجنسية لعدم وجود نظرية تنطبق تماما على كل شخص وكل حالة. طبيعتنا كبشر أعقد بكثير من افتراض ان "س"  تسبب  "ص" بكل بساطة. كمثال فأنت بأمكانك تعويد شخص أعسر على استخدام يده اليمنى للكتابة وسيفعل لكنه سيبقى أعسر برغم ذلك.يقول أحد علماء الاعصاب "أن سلوك الانسان هو نتيجة للكثير من التعقيدات الجينية والتأثيرات البيئية وبذلك من الصادم أن نفترض بأن المثلية الجنسية ليست شيء طبيعي".

التناقض بين الأجناس:

يتساءل بعض المثليين اذا ما كان تعرضهم للتحرش الجنسي من قبل رجل / امرأة ما تسبب بمثليتهم. أغلب الاطفال من الاناث احصائيا اكثر عرضة للتحرش من قبل شخص ذكر مما يعطي المجال لمثليات الجنس للتساؤل ان كانت مثليتهم سببها خوفهم من الرجال,قد تبدو الفرضية صحيحة حتى نبدأ بتطبيقها على مثليي الجنس من الرجال. الاطفال الذكور بدورهم اكثر عرضة للتحرش من قبل ذكر. لبعض يعتقد بأن بعض الرجال مثليون لتآلفهم للجنس مع الرجال بسبب تعرضهم للتحرش من قبل رجل.

إذا,كأختصار للفرضية فأن مثليات الجنس يخافن الرجال لكون جميع الرجال يتمثلون لديهم بالمتحرش الذكر,بينما مثليي الجنس يبحثون عن الجنس مع الرجال لتعرضهم لاعتداء المتحرش الذكر؟!

المثلية بحد ذاتها قد تزيد من احتمالات التحرش:

هناك نظرية مثيرة تقول بأن الاطفال الذين سيكبروا ليصبحوا مثليين جنسيا اكثرعرضة للتحرش وهم اطفال. تفترض هذه النظرية أن التحرش لا يؤدي بالشخص ليكون مثلي بل أن احتمالات التحرش بالطفل الذي سيصبح يوماً مثلي اكبر. والسبب يعود لتصريح بعض المثليين بأن تصرفهم كأطفال غالبا ما كان مختلف عن السائد من قبل الاطفال الاخرون. الشعور بالاختلاف قد يؤدي لعزلة اجتماعية والتي تتسبب بجعل الطفل اكثر عرضة للاعتداء عليه او تُشجع المعتدي.

وفقا لهذا فأن الكثير من الرجال المثليين على وجه الخصوص قالوا بانهم يتذكرون الشعور بعدم الرضى او عدم الراحة تجاه جسدهم كأطفال وكمراهقين حاولوا التأقلم او فهم مشاعرهم الجنسية. ولسوء الحظ فأن التحرش قد يقع في هذا الوضع لأن المتحرش يستغل وضع الطفل بعدم الشعور بالامان.

المثلية الجنسية ليست اضطراب:

الادعاءات بأن المثلية أو الازدواجية في الميول الجنسية هي نتيجة للتعرض لتحرش جنسي أمر ببساطة مزعج. هذه الفرضيات تشير للمثلية كشيء غير سوي وأنه نتيجة لحادث قد تسبب في صدمة. فهل هذا يعني مقارنة المثلي الجنسي بمريض اضطراب ما بعد الصدمة او مريض اضطراب الهوية الفصامي أو حتى مريض الاكتئاب؟! المثلية الجنسية ليست مرض.

وبالحديث عن الامراض..وفـقاً للجمعية الأمريكية للطب النفسي, تاريخ الاعتداءات الجنسية غير شائع بين الاطفال الذين كبروا ليكونوا مثليين الجنس بقدر ما هو بين المغايرين.

من الطبيعي أن يؤثر التحرش الجنسي بالتطور الجنسي للناجي وطريقة اندماجه بالفعل الجنسي وربما تحديد ما يريد بالضبط من الجنس ولكن من غير المرجح ان يكون له دور يذكر بولادة احاسيسه وميوله وحبه للاخر.

المثلية الجنسية حق:

للعديد من المثليين فأن ميولهم الجنسية حق من حقوقهم. وهي تؤثر بشكل أو باخر بتقبلهم لأنفسهم وتعاملهم مع الاخرين والعالم بشكل عام.وكما قالت احداهن "أعلم بأني ولدت لأكون مثلية. ان لم يكن ذلك صحيحا لما كان شعوري بهذه المثالية".

 * * * * * *


المقال مترجم. لقراءة المقال الأصلي أضغط على الرابط التالي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

علق للحوار و ليس للجدال