9/18/2018

هل تسبب المثليون جنسياً بظهور مرض الايدز ؟


يعد مرض الايدز معضلة العصر الحديث، والكابوس الجديد الذي يُؤرّق العالم، فلم نكد نستفيق من كابوس السرطان، حتى نُصدم بكابوس آخر! اسوء واكثر خطورة، ينتقل بالعدوى، ولم يستطع الطب الحديث علاجه حتى اليوم


ويدور الكثير من الجدل حول سبب مرض الايدز ووجوده، ويلقي الكثير من الناس سبب ظهور هذا المرض على المثليين جنسياً، و الثورة الجنسية التي بدأت في ستينات وامتدت حتى ثمانينات القرن الماضي في أمريكا، وأدى التحرر الجنسي إلى فتح المجال أمام العديد من الحريات كالدعوة إلى الحق في الإجهاض، والحركة النسوية، وحركة تحرير المثليين جنسياً، حيث حظوا بمساحة علنية غير مسبوقة لاقت استهجاناً كبيراً من قبل المجتمعات والمؤسسات ذات الطابع الديني المحافظ في تلك الفترة.

وأثار ظهور مرض الايدز حالة من الهلع الغير مسبوقة، وتم اقتراحت العديد من الفرضيات حوله، واُحِيكت العديد من الاشاعات التي زادت الحال ارباكاً والعالم رعباً.

وكان أول تسجيل لظهور مرض الإيدز في منتصف عام ١٩٨١ عندما اكتشف في الولايات المتحدة، من قبل وكالة مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) في عدد من المصابين بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية عند خمسة من الرجال المثليين جنسياً.

ولم يكن لدى الوكالة اسم رسمي لهذا المرض بعد، وعادةً ما كانت تشير إليه من خلال الأمراض المرتبطة به. حيث اشتق اسم فيروس الايدزHIV والذي يمثل اختصاراّ لـ (Human Immunodeficiency Virus) من اسم مرض اعتلال العقد الليمفاوية. وقد استخدمت الوكالة أيضًا اسم "سرطان كابوزي والعدوى الانتهازية" وهو الاسم التي أطلقته عليه الوحدة المؤقتة التي تم تشكيلها للتعامل مع المرض الجديد في عام ١٩٨١.

صحفياً، تم استخدام مصطلح GRID وهو اختصار (Gay-related immune deficiency) أي مرض نقص المناعة المرتبط بالمثليين.

وأصبح الاسم المشهور في الأوساط الشعبية في امريكا، حيث كان يعرف باسم "مرض المثليين" وتم حظر المثليين من التبرع بالدم لإمكانية حملهم المرض، على الرغم من أن أكثر المصابين به لم يكونوا مثليين، ومنهم اطفال صغار تم اتهامهم بالمثلية، التي كانت تعد وصمة عار عند الكثيرين في تلك الفترة.

ومع سعي وكالة مكافحة الأمراض لتحديد اسم للمرض من خلال دراسة الفئات التي تنتشر فيها الإصابة، سرعان ما أدركت السلطات الصحية أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالمتلازمة لم يكونوا من الرجال المثليين.

ووجدت أن كل الحالات التي شُخِصت يبدأ اسمها بحرف H – وهم:
المهاجرون الهايتيون (Haitian immigrants)
المصابون بالناعور (Hemophiliacs)
مدمنو الهيروين (Heroin users)
المثلييون جنسياً (Homosexuals)
ولذلك أطلق على المرض اسم "الاربعة إتش" (4H Disease).

وبعد أن تم اكتشاف بأن المرض ليس مقتصراً على مجتمع المثليين؛ تم استخدام مصطلح AIDS (الإيدز) اختصاراً لـ (Acquired Immune Deficiency Syndrome) أو "سيدا" "sida" من اللغة الفرنسية (Syndrome d'immunodéficience acquise).

وظل الاعتقاد سائداً بأن أول ظهور لمرض الايدز كان في عام ١٩٨١ عند المثليين جنسياً، حتى قامت الأبحاث العلمية بدحض هذا الادعاء، حيث تمكن فريق من الباحثين من التوصل إلى أن تاريخ مرض الايدز يعود إلى زمن أقدم من ذلك بكثير!

ويعود فضل هذا الانجاز إلى النماذج الجينية من قرود الغوريلا والشمبانزي التي حصلوا عليها من الكاميرون، والغابون، واوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتوصل فريق علمي دولي إلى أن مصدر اثنتين من السلالات الأربع للفيروس المسبب للمرض يعود إلى قرود الغوريلا في جنوب غربي الكاميرون.

واصيب الانسان لأول مرة بمرض نقص المناعة في عشرينيات القرن الماضي، في المنطقة التي تسمى حالياً مدينة كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية. حيث تم التوصل إلى هذا الاستنتاج بعد اجراء تحليل وراثي لفيروس اخذ من عينات دم في كينشاسا عام ١٩٥٩. إضافة لذلك تم تأكيد تحور فيروس الشمبانزي الذي عن طريقه أُصيب الانسان بالايدز.

تعني المعلومات الجديدة أنه لا علاقة تربط المثليين جنسياً بظهور مرض الايدز، وبات الباحثون يعرفون مصادر كل سلالات فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV الذي يصيب البشر. ومن المعروف أن فيروس HIV له أربع سلالات على الأقل تعرف بسلالات M وN وO وP وأن لكل منها مصدره الخاص.

وكان معروفاً أن سلالتي M وN مصدرهما قرود الشمبانزي في الكاميرون، ولم يعرف مصدر السلالتين الأخريين إلى الآن.

ونشرت نتائج البحث الذي قادته عالمة الفيروسات مارتين بيترز في نشرة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.

يذكر أن سلالة M هي الأوسع انتشاراً، إذ اصيب بهذا الفيروس أكثر من ٤٠ مليون من البشر في شتى انحاء العالم. أما الفيروسات من سلالة P فلم يعثر عليها إلا في حالتين فقط، بينما عثر على الفيروسات من سلالة O في وسط وغربي القارة الإفريقية وقد أصيب بها نحو ١٠٠ الف من البشر.
وتقدر الأمم المتحدة بأن "حوالي ٣٩ مليونا من البشر قضوا بمرض الآيدز" معظمهم من غير المثليين جنسياً.

وتجدر الأشارة إلى أنه قد تم العثور على العديد من الأدلة العينات التي تعود إلى العام ١٩٢٠ وحتى العام ١٩٨١ 
منها :
عينة البحار (Arvid Noe) التي تعود إلى ١٩٧٥
عينة اطفال أوغندا والتي تعود إلى ١٩٧٢

وهناك نظرية تعتبر مثاراً كبيرًا للجدل ومعروفة باسم OPV AIDS hypothesis ترى أن وباء الإيدز ظهر عن غير قصد في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين في الجزء البلجيكي من الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية الآن) نتيجة لأبحاث هيلاري كوبروفسكي الخاصة بإنتاج لقاح لمرض شلل الأطفال.

وقد ذكرت دراسة حديثة أن فيروس HIV ربما يكون قد انتقل من أفريقيا إلى هايتي ثم دخل الولايات المتحدة الأمريكية تقريبًا في عام ١٩٦٩.

وأشار العلماء، إلى أن العوامل التي ساعدت في انتشار الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يمكن أن تكون تجارة الجواري والعبيد وازدياد عدد السكان واستخدام الحقن الغير معقمة. كما يعتقد العلماء ان خطوط سكك الحديد في تلك البلاد لعبت دوراً في تطور المرض إلى وباء، حيث بلغ عدد مستخدميها في نهاية الاربعينيات من القرن الماضي حوالي مليون نسمة.

وبعد أن تم التأكد من أن المثلية الجنسية لا تعد مصدراً ذاتياً للإصابة بمرض الايدز، تم رفع الحظر والقيود المفروضة على المتبرعين بالدم من المثليين جنسياً في كثير من البلدان، كونهم يعدون مصدراً آمناً مثل غيرهم من الناس، ولا يشكلون أي خطر على المستلم.

المصادر: 

Centers for Disease Control (CDC) (1982). "Opportunistic infections and Kaposi's sarcoma among Haitians in the United States". MMWR Morb Mortal Wkly Rep. 31 (26): 353–354; 360
Reeves JD, Doms RW (2002). "Human immunodeficiency virus type 2". The Journal of General Virology. 83 (Pt 6): 1253–65.
Santiago ML, Range F, Keele BF, Li Y, Bailes E, Bibollet-Ruche F, Fruteau C, Noë R, Peeters M, Brookfield JF, Shaw GM, Sharp PM, Hahn BH (2005).
Worobey M, Gemmel M, Teuwen DE, Haselkorn T, Kunstman K, Bunce M, Muyembe JJ, Kabongo JM, Kalengayi RM, Van Marck E, Gilbert MT, Wolinsky SM (2008).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

علق للحوار و ليس للجدال