3/16/2014

من المتحف البريطاني: المثلية الجنسية في الحضارات القديمة


يحوي المتحف البريطاني بلندن عدد كبير من الاغراض التي تُثبت أن العلاقات المثلية (أو الشهوة بين افراد الجنس نفسه) لطالما كانت موجودة وتمثل جانب مهم من وجود الانسان وتجاربه.

سنقوم بالحديث عن ما يحتويه المتحف من مقطوعات أثرية مثيرة للأهتمام في عدة أقسام، هذا القسم سيكون عن المثلية الجنسية ( أو الشهوة بين ابناء الجنس الواحد ).

الشهوة بين افراد الجنس الواحد (المثلية)


المثلية الجنسية "Homosexuality" كمصطلح يُشير لتصرف بعينه هو مصطلح أوربي معاصر، لكن الرغبة المثلية بحد ذاتها ليست اختراع حديث كما يدعي البعض بل موجود منذ القدم.

      الرغبة (الشهوة) المبكرة

هذه المنحوتة الصغيرة تمثل رمزين متحاضنين، ويُقال انها وجدت في كهف في عين - صخري في فلسطين. تعتبر أقدم منحوتة تُمثل زوجان يمارسان الحب ويعود تاريخها لحوالي١١،٠٠٠ سنة.

غالبا ما يُفترض انها تُمثل رجل وامرأة لكن لماذا نقوم بهذا الفرض بكل بساطة؟ لا يوجد ما يؤكد ان المقصود بالرمزين رجل وامرأة.

غموض المنحوتة يذكرنا بأننا لا يجب أن نسقط فرضياتنا حول الجنس والهوية الجنسية على الماضي. لا يجب أن نعتبر أن "الغيرية" أو نواة العائلة بالمفهوم الحديث هي نفسها السائدة في مجتمعات اخرى قديمة كانت أو حديثة.

      
      





   الحب البطولي في بلاد ما بين النهرين

ملحمة كلكامش واحدة من أقدم القصائد الناجية والتي أُلفت ما بين القرن الثالث عشر والقرن الحادي عشر قبل الميلاد.القصة حول الملك شبه التاريخي كلكامش "Gilgamesh" وصديقه المقرب، ذي الشعر الكثيف والجامح إنكيدو "Enkidu".واللوح العائد لاكثر من ٢٥٠٠ سنة أدناه جزء منها.

الملحمة تتحدث عن معركة كلكامش وإنكيدو ضد الالهة عشتار وانتصارهم عليها. لكن بعد مدة قصيرة من المعركة يموت إنكيدو ويبقى كلكامش لبقية القصيدة يرثيه ويحاول الاقتصاص من الموت نفسه. قبل أن يلقاه يُقال لكلكامش بأنه"سيحبه كزوجة، ويُشغف به حد الجنون".

هذه الحميمية بينهما ليس بالضرورة تتضمن شهوة جنسية. لكن برغم ذلك، بعض التاريخيين يتجادلون بإمكانية أن تفهم هذه الكلمات بالذات بطريقة جنسية، وامكانية ان يكون كلكامش وإنكيدو بطلي الملحمة ليس فقط اصدقاء بل تربطهم علاقة حُب.

هل كانت علاقتهم مثلية؟ هل كان احدهما مثلي؟ لا وجود لتواصل جنسي واضح لكن العلاقة موصوفة بطريقة شهوانية.



    رجلان من مصر القديمة

الشهوة والحب لا يتركان خط أثري واضح، ومع اختلاف التقاليد الثقافية من الصعب الحكم إن كانت العلاقات الحميمة بين الرجال تشير لحب مثلي أم لا. هناك القليل من الحالات المثيرة للجدل من مصر القديمة.

هذه لوحة جنائزية كانت قد حُطمت عمداً، مُكرسة لمسؤولين ذكرين يدعيان Hor و Suty ومنحوتة بأسمهم مع تراتيل وعناوين لأله الشمس. يُعتقد انهم كانوا زوجين لكن صورهم قد مُحيت لاحقاً من قبل أولادهم وزوجاتهم. 

ربما يكون هذا صحيحاً لكن غالباً انه تحليل خاطئ حيث وجد في لوحة اخرى انه صورعائلتهم قد مُحيت ايضاً.

يصف الرجلان بعضهم الآخر بالقول "اخي، كنفسي, تسعدني اختياراته حيث انه خرج من الرحم (ولد) معي بذات اليوم".

يفسر هذا الوصف بأنهم كانوا اخوة توائم وقد سُميا تيمناً بالآلهة التوائم Horus و Seth (والذي يعرف ايضاً بأسم Sutyy). وقد عمل كلاهما كمهندسين ببناء معبد أمون في الاُقصر في سنة ١٣٧٥ قبل الميلاد.



   ايقونة أم مجرد منحوتة اباحية؟

هذه المنحوتة البرونزية تُظهر احد آلهة مصر القديمة مُنتصب العضو التناسلي. وفق معايير عصرنا ربما يرى أحدنا انها ليست اكثر من منحوتة اباحية. واقعاً هي تُمثل الآله Amun Kamutef الذي عُرف بأسم "فحل والدته" وقد وجدت في معبد  Thebesتُمثل هذه المنحوتة القوة والفحولة والقدرة على البقاء حياً.

من الصعب أن نجزم بالمعنى الحقيقي وراء نحته بهذا الشكل وفق معاييرنا الحالية فالجنس حتى وأن بدا عالمياً وحتى بوجود صور بهذا الوضوح يعتمد على الثقافة السائدة في الوقت والمجتمع حينها.

المصريون القدماء اعترفوا بالمثلية الجنسية (الرغبة الجنسية بين ابناء الجنس الواحد) لكن ما وصلنا من اثار ومراجع يركز على الذكور فقط وينظر للموضوع بشكل سلبي نسبياً. من ضمن ما وجد قصة خرافية عن اله يحاول اغراء اخر بقوله "يالها من مؤخرة جميلة" وتعتبر هذه من اولى الاحاديث المسجلة بالتاريخ.  أغلب الاعمال والنصوص تُشير لأشخاص بالحكم أو موظفون رسميون وهذا دليل على انهم يمثلون المجتمع ككل.

     

    القصيدة المثلية

"صدقيني..أحدهم سيذكرنا بالمستقبل.."
يقال أن الشاعرة صافو عاشت بالقرن السابع عشر قبل الميلاد في مدينة Mytilene على جزيرة ليسبوس (احدى الجزر اليونانية في بحر ايجه)، في القرن الثالث قبل الميلاد عُرفت على انها اهم كتاب العالم الاغريقي والروماني و سبع من مجلداتها الشعرية كانت محفوظة في مكتبة الاسكندرية.

قامت صافو بكتابة قصائد غزلية موجهة لنساء، يبدو انها كانت زعيمة مجموعة مقبولة اجتماعياً ودينياً من النساء الغير متزوجات، وهو ما أدى للاعتقاد بأن صافو كانت امرأة مثلية بالمفهوم الحديث كما جاءت التسمية (Lesbian) من مكان اقامتها أي جزيرة ليسبوس.

بغض النظر عن ميولها الجنسية تعتبر صافو مثال على تألق المرأة في عملها في ذاك الوقت. كما أن هناك عملة معدنية في المتحف مؤرخة بالقرن الثاني بعد الميلاد كانت قد طبعت في مدينة Myltilene تخلد اسم شاعرتهم الشهيرة.


    رجال اغريقيون

العلاقات الحميمة بين الرجال كانت مقبولة في الكثير من المدن في اليونان القديمة. الكثير من الفنون الاغريقية القديمة أبرزت جمال الرجال وكانت موجهة لجمهور من الرجال ايضاً. هنا كأس يُظهر مشاهد لمجموعة من الرجال في حفلة شرب في أثينا حوالي سنة ٤٨٠-٤٨٥ قبل الميلاد، حيث يجلس الزبائن ويتكؤن على الاراءك بينما يقوم على خدمتهم بعض الصبيان.

العلاقات الجنسية بين الذكورة معروفة بشكل كبير من القرن الرابع للخامس قبل الميلاد في أثينا.

في عصر افلاطون عُرف معبد أثينا بأسم Parthenon. والفكرة السائدة كانت أن يكون الزوج الاصغر لا يتجاوز عمره العشرين سنة بينما الاكبر لا يزيد عمره على الاربعين سنة.وهناك أدلة اخرى عديدة على العلاقات المثلية بين الرجال البالغين كما ان الحياة بشكل عام كانت أكثر تنوع عن هذه الفكرة السائدة.

     
    في روما

هذا الكأس الفضي دليل على العلاقات الجسدية الحميمة بين الرجال في الامبراطورية الرومانية,حيث يحمل مشاهد لزوجين ذكرين يمارسان الحب.

 قد يحمل مشهد كهذا حيث رجل بالغ و صبي يتراوح عمره بين الـ ١٤ والـ ١٦ سنة بعض نقاط الخلاف من وجهة نظر عصرنا لكنها علاقات مقبولة اجتماعياً في العهد الروماني.

كان الرومان يؤمنون بحرية اختيار شريكك سواء من نفس الجنس او من الجنس الاخر. لكنهم آمنوا بأن على الرجل أن يكون مسيطراً اجتماعياً وجنسياً، فطالما ان الرجل في علاقة جنسية مع أي احد يختاره لا تُعاب ذكورته.

جامع الفنون الامريكي إدوارد بيري وارين هو من اشترى هذا الكأس و وصفه بالـ"كأس المقدس" لأنه يُقدر كونه تصوير حي للعلاقة بين ابناء الجنس الواحد.





   رومانسية إمبراطورية

عصر الامبراطور Hadrian تميز بالحملات العسكرية ومشاريع توسيع وبناء الامبراطورية، حيث احد المشاريع في هذا العصر هو الحائط الشهير في شمال انكلترا. كان Hadrian قد تزوج احدى نساء العائلة الحاكمة لكن في بداية الخمسينيات من عمره التقى بشاب اغريقي بتركيا الحالية، تقريباً اثناء جولة اقليمية في سنة ١٢٣ بعد الميلاد، اصبح هذا الشاب الذي يدعىAntinous عشيق الامبراطور.

في جولة لاحقة داخل الامبراطورية غرق Antinous في نهر النيل مما احزن الامبراطور الذي" نحب عليه كالنساء"، و حزنه دفعه للمكوث في جزيرة تدعى Antinopolis على ضفاف النيل حيث مات فيها.كما قد جعل Antinous بمصاف الالهة وهو ليس بالشيء الغريب بالنسبة لابناء العائلة الامبراطورية لكنه بالتأكيد غريب لشخص بتاريخ متواضع كهذا الشاب. كما قام الامبراطور باحياء ذكرى عشيقه بعدد كبير من التماثيل والرسوم وحتى العمل النقدية المنتشرة بجميع انحاء العالم الروماني.


      مصباح روماني

مصباح زيتي من القرن الاول وجد في تركيا العصر الروماني يُظهر امرأتان تمارسان الجنس الفموي على أريكة. الصور الجنسية لم تكن بالشيء الغريب على الاغراض المنزلية لكن هذا المصباح تحديداً لا يُعرف لمن كان قد صُنع، ربما الغرض منه اثارة مشاعر الذكور وليس تحديداً موجه للنساء.


      صندوق كنوز ماوري

سُجلت العديد من العلاقات الجنسية بين الذكور في مختلف مناطق المحيط الهادئ خلال رحلات الاستكشاف الاوربية في القرن الثامن عشر. لاحقاً قام المستكشفين والمسؤولين الاوربيين بالتضليل على هذه العلاقات وان استمرت فغالباً ما كانت تمارس بالسر. في العديد من المناطق البولينزية قُبلت العلاقات بين الرجال فقط في حالة كان احدهما يميل للتصرف كالاناث. هناك العديد من المصطلحات باللغات البولينزية مثل Mahu و Fa'a fafine التي تعرف الرجال الذين يميلون للصفات الانثوية بتصرفاتهم ولبسهم. ومع هذا يحوي هذا الصندوق الماوري الذي يعود تاريخه للقرن الثامن عشر رموز لعلاقات جنسية بين رجلين. 

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف3/20/2014

    هذا يبطل الاعتقاد بأ، الجنس بين رجلين اخترعه قوم لوط أو ان الجنس بين رجلين اختلااع من قوم لوط ولم يسبقهم به احد من العالمين شكرا يا صاحب المدونة لك كامل الشكر على المجهود .. استمر في النشر لتوعية المثليين

    ردحذف

علق للحوار و ليس للجدال