7/16/2017

تعرف على العالم ماغـنوس هيرشـفيـلد.. أول من حاول إثبات أن الميول الجنسية تولد مع الانسان ولا تكتسب



يحاول العديد من العلماء والمختصين اليوم التعرف على أسباب اختلاف ميولنا الجنسية ورغم عدم معرفة سبب واحد قاطع بعد يتسبب بالميول الجنسية لشخص ما الا ان هناك الكثير من المحاولات لفهم علاقة تلك الميول بتركيبتنا البيولوجية. لكن قبل أكثر من مائة عام كان هناك عالم رائد في مجال علم الجنس يعتبر أول من حاول العثور على تبرير بيولوجي لميولنا.

العالم ماغنوس هيرشفيلد


ولد العالم الالماني ماغنوس هيرشفيلد في 14 ايار/مايو من العام 1868 في بولندا حيث درس الطب ومارس مهنته لبعض الوقت. كان هيرشفيلد معروفا باهتمامه بالميول المثلية لدى الرجال تحديدا حتى أنه عد خبيرا في معرفة اذا ما كان الشخص الذي أمامه له ميول مثلية رغم أنه لم 'يخرج من الخزانة' وقتها بمفهومنا الحالي.





اهتمام هيرشفيلد بالموضوع لم يتبلور لواقع عملي حتى بداية التسعينات من القرن حين استلم رسالة من جندي يخبره فيها بأنه على وشك قتل نفسه كي لا يضطر للزواج من امرأة بحسب رواية العالم نفسه.. وقد طلب منه أن يستخدم صوته وخبرته ليثقف العامة من الناس حول حقيقة أن بعض الرجال "لا يستطيعون الزواج من امرأة بسبب ميولهم."


عام 1896 انتقل هيرشفيلد الى مدينة برلين حيث أسس ما يعرف باللجنة الانسانية العلمية مع ثلاثة من زملاءه. كان هدف هذه المجموعة هو ازالة مادة من القانون الالماني (المادة رقم 175) والتي كانت تجرم الجنس المثلي بين الرجال في أحد بنودها, وتتعلق باقي بنودها بالدعارة والجنس القسري. والطريقة التي اختارها هي باجراء الدراسات والابحاث اللازمة لاثبات ان الميول المثلية تولد مع الانسان وليست شيئا اختياري بالتالي لا يجب معاقبة الشخص على شيء لم يختره.


تعتبر هذه الحركة والتي رفعت شعار "عبر العلم نصل للعدالة" أول حركة معروفة تاريخيا للدفاع عن حقوق المثليين حيث كانت تجري محاولات لتغيير القانون بينما ما تزال الابحاث جارية عبر جمع تواقيع من شخصيات مؤثرة في المجتمع امثال العالم البرت اينشتاين ومخاطبة البرلمان الالماني.

من بين أول المحاولات لتحقيق هدفه قام هيرشفيلد باجراء احصائية في احدى الجامعات على ان تكون هوية المشتركين فيها مجهولة لضمان سلامتهم. تضمن الاحصاء سؤالا واحدا بسيط: هل تميل جنسيا لنفس جنسك أم الجنس الاخر أم كلا الجنسين؟

جائت نتيجة الاحصائية بالشكل التالي: 94% يميلون للجنس الاخر, 1.5% يميلون لنفس الجنس, و4,5% يميلون للجنسين. ثم كررت التجربة مع مجموعة من العاملين وكانت النتائج متقاربة.


بعد ذلك بدأ بمقابلة أكبر عدد من الاشخاص ذوي الميول المثلية واجراء حوارات معهم ومحاولة تسجيل اختلافاتهم الجسمانية. كانت فكرة هيرشفيلد في هذا الوقت هي أننا جميعا في الواقع ذكورا واناثا في الوقت عينه لكن الاشخاص المثليون يميلون اكثر لاظهار صفات الجنس الاخر (أي أن الرجل المثلي يحمل صفات جسدية انثوية والمرأة المثلية تحمل صفات جسدية ذكورية).


قد يبدو أن هيرشفيلد يخلط بين الميول الجنسية والهوية الجندرية الا أن عدم تقدم العلم في وقتها لم يسمح له بالتفريق بين الأمرين. حتى أن العديد من الاختلافات التي ادعى ملاحظتها لدى المثليون والمثليات تبدو غير عقلانية اليوم (مثال أن الرجال المثليون لديهم شعر جسم أقل كثافة وقدرة أقل على الصفير!) لكن محاولاته تعتبر الاولى من نوعها.


عام 1919 أسس هيرشفيلد مؤسسة العلوم الجينية البحثية وسكن في مقرها في برلين. مع صعود الحزب النازي في سلم السلطة بدأت تبرز معارضة كبيرة له من مؤيدين الحزب حتى أن هتلر ندد به في أحد خطبه لكونه ينشر الفاحشة في المجتمع الالماني. بعد عام واحد تعرض لمحاولة اغتيال من قبل جماعة معادية لليهود بحسب وصف جريدة النيويورك تايمز والتي أوردت خطأً خبر وفاته في حينها.

في ذلك الوقت ظهرت دراسة لعالم نمساوي ادعى انه استطاع تغيير الميول الجنسية للفئران بحقنهم بهرمونات معينة. بالنسبة لهيرشفيلد فأن هذه الفكرة بدت كبوابة أمل لاثبات ان المثلية تعود لاسباب هرمونية لكن هذا ولد سؤالا عكسي: هل يمكن تغيير الميول بحقن الشخص بالهرمونات المناسبة؟

نتيجة لذلك بدأ هيرشفيلد باجراء تجارب على رجال مثليين وذلك بحقن هرمون مسحوب من خصى رجال مغايري الجنس في خصاهم. كانت النتائج كارثية فقد تسببت الهرمونات بالتهابات واصابات بالغة الاثر حتى أن بعض الرجال اضطر لاجراء اخصاء كلي للتخلص من أثر الضرر الذي سببته الهرمونات. ورغم اصراره على أنه اجرى التجارب على متطوعين حصرا الا ان اخرين استغلوا تجربته وكرروها كعقاب جديد للمثليين الذين ما يزالوا مجرمين بعين القانون.


عام 1930 اضطر هيرشفيلد لمغادرة المانيا هربا من عداء الحزب النازي المتزايد ضده. وفي عام 1933 دمر مجموعة من الطلاب النازيين منزله في برلين امام انظار العامة وجمعوا كتبه ليتم حرقها في محرقة شهيرة اشرف عليها وزير الاعلام حينها وبهذا ضاعت حصيلة ثلاثين سنة من الابحاث العلمية له. عاش هيرشفيلد اخر سنواته في فرنسا مع صديقه الحميم الذي التقاه في احدى رحلاته للصين حتى وفاته في مدينة نيس سنة 1935 ودفنه بها.

لم يتم ازالة المادة رقم 175 من القانون الالماني حتى سنة 1994 ويقدر عدد من جرم تحت بنودها بحوالي 140,000 شخص. 



محرقة الكتب "هولوكوست الكتب" التي أحرقت فيها كتب علماء كثر من بينهم هيرشفيلد

اليوم يستمر العلماء في سعيهم لفهم اسباب الميول الجنسية للانسان رغم رفض الكثير من الناس مبدأ ربط حقوق مجتمع الميم مع العلم والطب خصوصا وأن العلم لم يكن دائما السبب وراء المساواة بين البشر فالمساواة بين الاعراق مثلا لم تبنى على حقائق بيولوجية. فالبنهاية نحن جميعا نرغب بمعرفة الحقيقة حول أنفسنا وأجسادنا لكن السبب وراء ميولنا لا يهم كما لا يهم تنوع اعراقنا وافكارنا لأن التنوع جزءا من الطبيعة البشرية وعلينا أن نتقبل الاخر بجميع اختلافاته اذا ما أردنا أن نتعايش بسلام.





هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف7/18/2017

    فالتاريخ يعيد نفسه بالنسبة للمثلى العربى الذى يغيش فى سجن كبير داخل مجتمعه المتخلف الجاهل بكل الميولات الجنسية الشاذ منها والطبيعى ...

    ردحذف

علق للحوار و ليس للجدال